ما هو شم النسيم؟




التقويم القبطي من أجمل وأغرب التقويمات التي ابتكرها البشر، فهو يجعل من الاحتفال ببدء فصل الربيع عيداً قومياً يسمى شم النسيم. هذا اليوم الذي يحتفل الناس فيه بخروجهم إلى المتنزهات والحدائق والاستمتاع بالهواء الطلق وأكل الأسماك المملحة والبصل الأخضر والبيض الملون.

أصل شم النسيم

يرجع تاريخ شم النسيم إلى عصور ما قبل التاريخ، حيث كان المصريون القدماء يحتفلون بهذه المناسبة في يوم 21 مارس من كل عام، ويسمونه "عيد الربيع" أو "عيد الصعود". وكانوا يعتقدون أن هذا اليوم هو أول أيام العام الجديد، وأن الإله رع يخرج من كهفه وينير العالم مرة أخرى.

شم النسيم عبر العصور

خلال العصر الفرعوني، ارتبط شم النسيم بأسطورة إيزيس وأوزوريس، حيث كانت إيزيس تبحث عن جثة زوجها أوزوريس الذي قتله شقيقه ست، وفي شم النسيم عثرت عليه وأعادته للحياة. ومنذ ذلك الحين، أصبح شم النسيم رمزاً للبعث والتجديد.
وفي العصر الروماني، تأثر شم النسيم بالثقافة اليونانية، وأصبح الناس يحتفلون به عن طريق إقامة الولائم وتقديم القرابين للآلهة. واستمر الاحتفال بهذه المناسبة في العصر المسيحي، لكنه تغير اسمه إلى شم النسيم.

عادات وتقاليد شم النسيم

تتعدد عادات وتقاليد الاحتفال بشم النسيم في مصر، ومن أشهرها:
* تناول الأسماك المملحة والبصل الأخضر والبيض الملون.
* الخروج إلى المتنزهات والحدائق والاستمتاع بالهواء الطلق.
* إعداد سفرة شم النسيم التقليدية التي تتضمن الرنجة والفسيخ والملوحة وغيرها.
* ممارسة الألعاب الشعبية مثل "حرق الدمية" و"تكسير البيض".
* تبادل الزيارات بين الأصدقاء والعائلة.

الدلالة الرمزية لشم النسيم

لا يقتصر شم النسيم على مجرد كونه عيداً قومياً، بل هو يحمل الكثير من الدلالات الرمزية. فهو يرمز إلى:
* بداية فصل الربيع وعودة الحياة إلى الطبيعة.
* تجدد الأمل والتفاؤل.
* التخلص من كل ما هو قديم وفاسد.
* البهجة والسرور.
ولا تزال هذه الدلالات الرمزية حاضرة في الاحتفال بشم النسيم حتى يومنا هذا، مما يجعله مناسبة خاصة جداً في قلوب المصريين.

شم النسيم في العصر الحديث

رغم التغيرات التي طرأت على المجتمع المصري والعادات والتقاليد، لا تزال مناسبة شم النسيم تحتفظ بمكانة خاصة في قلوب المصريين. ففي كل عام، ينتظر الناس هذا اليوم بفارغ الصبر، ويحتفلون به بطرق مختلفة مع الحفاظ على العادات والتقاليد التي توارثوها عن أجدادهم.
ومن أبرز مظاهر الاحتفال بشم النسيم في العصر الحديث انتشار سفن النيل السياحية التي تنظم رحلات ممتعة للناس لقضاء هذا اليوم في جو من المرح والترفيه. كما انتشرت أيضًا العروض المسرحية والسينمائية التي تناقش موضوعات متعلقة بشم النسيم، مثل فيلم "شم النسيم" للمخرج عاطف سالم الذي أنتج في عام 1994.
ومع دخولنا الألفية الثالثة، أصبح شم النسيم رمزاً للفرح والتجديد في العالم العربي بأكمله، وليس في مصر فحسب. ويحتفل الكثير من العرب في دول الخليج العربي وبلاد الشام بهذا اليوم، وإن كانت عاداتهم وتقاليدهم في الاحتفال به تختلف قليلاً عن نظيرتها في مصر.

ختاماً

شم النسيم هو عيد مصري قديم يعود تاريخه إلى آلاف السنين، وهو يمثل رمزاً للفرح والتجديد وعودة الحياة. ولا تزال هذه المناسبة تحتفظ بمكانتها الخاصة في قلوب المصريين والعرب حتى يومنا هذا، ويحتفلون بها في كل عام بطرق مختلفة تحافظ على العادات والتقاليد التي توارثوها عن أجدادهم.