هدى الناظر




حين تذكرني روحي بضرورة البحث عن الحقيقة، أتذكر أولاً هدى الناظر وكيف دفعت ثمن بحثها عنها.

كنت فتاة صغيرة حين عرفت قصتها، ابنة الرابعة عشر التي وقفت أمام مجتمع متحجر بثقله وضغطه، وطالبت بحقها في التعليم. فمنذ نعومة أظافرها، كانت هدى الطفلة النجيبة تتوق إلى العلم والمعرفة، فتنقل بين الجمعيات الخيرية لتتلقى بضع دروس مجانية.

وعندما فتحت مدارس البنات عام 1908م، كانت هدى من أوائل الفتيات اللائي التحقن بها. إلا أن هذا القرار الشجاع لم يمر مرور الكرام؛ فقد لقيت معارضة شديدة من عائلتها وجيرانها، الذين رأوا أن تعليم البنات منكر وفعل شائن.

لم تثنِ هذه المعارضة هدى عن حلمها؛ فكانت تتهرب من أعين المتربصين، وتذهب إلى المدرسة متنكرة بزي صبي. ولم يدم هذا طويلاً حتى فُتحت الدروس السرية التابعة لمدرسة السنية للبنات، والتي تمكنت هدى من الالتحاق بها.

ولكن الألم الذي تعرضت له لم يتوقف عند هذا الحد، فقد تعرّض والدها للسجن والنفي لمجرد تأييده لتعليم ابنته. ورغم كل هذه الصعوبات، لم تستسلم هدى لمصيرها، بل لجأت إلى الصحافة لتفضح ممارسات أولئك الذين تعصّبوا ضد تعليم الفتيات.

  • كتبت هدى مقالات جريئة في جريدة "الجريدة" تحت اسم مستعار، مطالبة بحقوق المرأة وتعليمها.
  • وفي خضم دفاعها عن قضية تعليم الفتيات، تعرفت هدى على حامد سلطان، وهو مفكر وإصلاحي مشهور، والذي تزوجته فيما بعد.

وواصلت هدى نضالها من أجل تعليم الفتيات حتى اليوم الذي رحلت فيه عام 1940 عن عمر يناهز 46 عامًا، تاركة وراءها إرثًا من الكفاح والتضحية من أجل حق أساسي من حقوق الإنسان.

كانت هدى الناظر امرأة استثنائية، ومثالاً يحتذى به، وقصة حياتها هي مصدر إلهام للجميع الذين يسعون لجعل العالم مكانًا أفضل.

وإنني في هذا اليوم أذكرك بقصة هدى الناظر لأقول لك أنك لست وحدك، وأن هناك من يدعمك في سعيك لتحقيق أحلامك، مهما كانت صعبة.

فإذا كنت تواجه صعوبات في حياتك، تذكر قصة هدى ومدى تصميمها على تحقيق أهدافها، واستعن بقوتها وإصرارها لتتغلب على تحدياتك.

وإلى جميع الفتيات والنساء اللاتي يواجهن عقبات تعليمية بسبب جنسهن، أقول لكم إن هدى الناظر كانت الرائدة التي مهدت الطريق أمامكن، وتذكروا أن تعليمكم هو حق لكم، وأن لا أحد يستطيع أن يسلبكم إياه.