عرب العرامشة.. رحلةٌ من البادية إلى المدينة




كان العرب يضربون المثل بالكرم والشجاعة والنخوة، وهم الذين قال فيهم الشاعر: "إذا غضبوا غضب الأسود وعيشهم كعيش البقر". ومن بين أشهر قبائلهم العربية الأصيلة قبيلة "العرامشة"، التي كانت تقطن في البادية الأردنية.
ومن بين أبناء هذه القبيلة العريقة خرج زيد العرامشة، الرجل الذي كتب اسمه بأحرف من ذهب في صفحات تاريخ المدينة المنورة. فقد جاء زيد إلى المدينة مهاجراً في مطلع القرن التاسع عشر، حاملاً معه تقاليد البادية الأصيلة، واستقر فيها وتزوج من إحدى بناتها، وبنى فيها بيته الخاص.
ولم تمضِ فترة طويلة حتى أصبح زيد العرامشة من وجهاء المدينة المنورة ومشهوريها، عرف عنه كرمه وجوده، فكان بيته مفتوحاً للضيوف والمسافرين، وكان يقدم المساعدة لكل محتاج. كما اشتهر بحبّه للعلم والثقافة، وكان من رواد المسجد النبوي ومجلس العلماء.
ومن أشهر قصص كرمه ما حدث عندما زاره أحد أفراد القبيلة، وكان فقيراً لا يملك قوت يومه. فما كان من زيد إلا أن أهداه إبله وماله، وقال له: "هذه إبل الله، وأنت أحق بها مني".
انتقلت سيرة زيد العرامشة الحميدة بين الناس، وأصبح مضرب المثل في الكرم والشهامة، فكان يقول: "إذا كان عندي ولو قرش واحد، وأتى ضيف، فسأعطي الضيف القرش وأنا أجوع".
وبعد وفاته ترك زيد العرامشة خلفه إرثاً عظيماً من القيم والمبادئ، فكان بيته إلى عهد قريب ما زال مفتوحاً للضيوف واستقبال الغرباء. وقد أطلق اسمه على أحد أحياء المدينة المنورة عرفاناً بفضله، وظل أبناؤه من بعده من كبار وجهاء المدينة وعلمائها.
وهكذا رحلت قبيلة العرامشة من البادية إلى المدينة، وحملت معها تقاليدها وقيمها الأصيلة، فأصبحت رمزاً للكرم والشهامة والمروءة، وأثرت في تاريخ المدينة المنورة بشكل كبير. وما زالت قصة زيد العرامشة خالدة في أذهان الناس، وتحكي عن رجلٍ تجاوز حبّ المال والجشع إلى الكرم والعطاء بلا حدود.