سميرة أحمد.. أسطورة الفن المصري




ما المقصود بالأسطورة؟ الأسطورة، كما نعرفها، هي قصة خيالية تُحاكى حول شخص حقيقي أو حدث معين، وقد يصاحبها أحداث خيالية بهدف الإثارة والتشويق. ولكن ما لا يعرفه الكثيرون أن بعض القصص الواقعية يمكن أن تتحول إلى أساطير، ويصبح الحديث عنها وكأنه سرد لحكايا من تاريخ قديم أو قصة خيالية. وإذا كان الفن المصري ثريًا بمجموعة من الأساطير التي اشتهرت طوال تاريخه العريق، فإن هناك فنانة استطاعت من خلال أعمالها أن تتحول هي نفسها إلى أسطورة من أساطير هذا الفن، إنها الفنانة سميرة أحمد.
تقول الفنانة سميرة أحمد عن حياتها: "عندما بدأت مشواري الفني لم أكن أعرف ما هو التمثيل، كل ما كنت أعرفه هو أنني أحب أن أمثل وأعيش في عالم الفن والسينما". واستطاعت سميرة أحمد بالفعل منذ أن ظهرت على شاشة السينما أن تحقق نجاحًا مذهلاً، وأصبحت رمزًا للأنوثة والجمال المصري، ولا سيما في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، حيث عُرفت بتمثيلها لدور الفتاة الرومانسية الحالمة، مما منحها لقب "نجمة الرومانسية" وجعلها تحظى بحب وإعجاب كل من يشاهدها.
وبجانب الأدوار الرومانسية، أبدعت أيضًا في تقديم أدوار الفتاة القوية التي تناضل وتكافح في الحياة، مستفيدة من ملامح وجهها القوية، حيث استطاعت أن تترك بصمة واضحة في السينما المصرية. ومن أشهر الأعمال السينمائية التي قدمتها الفنانة سميرة أحمد: "رد قلبي"، "لحن الوفاء"، "موعد غرام"، "الوسادة الخالية"، "القلب له أحكام"، "آه من حواء"، "المرأة المجهولة"، "نحن لا نزرع الشوك"، "الزوجة الثانية"، "أين عمري"، "المماليك"، وغيرها الكثير من الأعمال التي تجاوزت المائة عمل فني.
أما عن مسيرتها الفنية في التلفزيون، فقد كانت سميرة أحمد واحدة من أبرز نجمات الدراما التليفزيونية في مصر والعالم العربي، حيث قدمت مجموعة من المسلسلات التليفزيونية الناجحة، والتي لاقت إعجابًا كبيرًا من الجمهور، ومن أهم المسلسلات التي قدمتها: "هند والدكتور نعمان"، "الباقي من الزمن ساعة"، "رأفت الهجان"، "الحقيقة والسراب"، "زينب والعرش"، "بوابة الحلواني"، "أميرة في عابدين"، "لقاء على الهواء"، وغيرها من المسلسلات التي تركت بصمة واضحة في تاريخ الدراما المصرية.
ومن المواقف المضحكة التي حدثت للفنانة سميرة أحمد أثناء تصوير أحد الأفلام، أنها كانت تمثل مشهدًا رومانسيًا مع الفنان الراحل رشدى أباظة، وفجأة وجدت نفسها تضحك بشدة، وعندما سألها المخرج عن سبب ضحكها، قالت له: "أنا خائفة من الكلب الذي يقف خلفك"، نظر رشدي أباظة إلى خلفه فلم يجد شيئًا، ثم كرر المشهد مرة أخرى، ووجد سميرة تضحك مرة أخرى، وعندما سألها المخرج عن السبب قالت له: "أنا خائفة من الكلب الذي يقف خلفك"، فطلب المخرج إيقاف التصوير، وبالفعل تفقدوا المكان ولم يجدوا أثرًا لأي كلب، لكن سميرة ظلت تضحك طوال الوقت، مما اضطر المخرج إلى إلغاء المشهد.
ومن المواقف المؤثرة في حياة الفنانة سميرة أحمد أنها كانت متزوجة من الفنان الراحل صالح سليم، رئيس نادي الأهلي السابق، وقد كان حبًا كبيرًا، إلا أنهما انفصلا بعد ذلك، وظلت الفنانة سميرة أحمد تحمل في قلبها ذكرى هذا الحب حتى وفاتها، حيث صرحت في أحد اللقاءات التليفزيونية، قائلة: "كنت أتمنى لو عاد صالح سليم إلى حياتي مرة أخرى".

لا شك أن الفنانة سميرة أحمد استطاعت من خلال مسيرتها الفنية الحافلة أن تجسد المرأة المصرية في مختلف صورها وأشكالها، سواء كانت امرأة رومانسية أو امرأة قوية ومناضلة، مما جعلها تحظى بحب وتقدير كل من يعرفها أو يشاهد أعمالها. وقد أثرت سميرة أحمد السينما المصرية والدراما العربية بمجموعة من الأعمال الفنية المتميزة، والتي ستظل خالدة في تاريخ الفن المصري والعربي.
وإذا كانت الفنانة سميرة أحمد قد رحلت عن عالمنا، فإن أعمالها الفنية ستبقى شاهدة على موهبتها وقدرتها على تجسيد مختلف الشخصيات والأدوار، وستظل سميرة أحمد أسطورة من أساطير الفن المصري والعربي.