أغنية العيد




بعيدا عن أضواء الشهرة وبعيدا عن مسارح الفن، في مكان صغير بقرية من إحدى القرى المصرية البسيطة، حيث صفوف المنازل المتراصة والوجوه البسيطة التي تعكس جمال روح أصحابها، هناك بدأت حكايتي مع أغنية العيد.
كنت طفلة صغيرة في ذلك الوقت، لم يتجاوز عمري ثماني سنوات، كنت أجلس وحيدة في فناء منزلنا المتواضع، ألعب مع دميتي المفضلة، وفجأة سمعت صوت غناء جميل ينبعث من منزل الجيران، كان صوتًا رقيقًا يترنم بكلمات أغنية عن العيد.
اقتربت من سور منزل الجيران بحذر، ووضعت أذني على جدار السور، استمعت إلى الأغنية وهي ترسم في مخيلتي لوحات فنية عن فرحة العيد، عن الأطفال وهم يرتدون ملابس جديدة، وعن الحلويات التي تعدها الأمهات، وعن الضحكات التي تملأ الشوارع.
شعرت بأنني منجذبة إلى هذه الأغنية، كأنها تمس شيئًا ما بداخلي، شيئًا جميلًا ولكنه نائم، شيء يوقظ في داخلي السعادة والفرح.
بقيت مستندة على جدار السور حتى انتهت الأغنية، ثم عدت إلى منزلي وأنا أشعر بسعادة غامرة، لم أكن أعرف سبب هذه السعادة، لكني كنت أشعر بها تملأ قلبي الصغير.
في اليوم التالي، ذهبت مرة أخرى إلى منزل الجيران، وطلبت من السيدة التي كانت تغني أن تعلمني هذه الأغنية، فابتسمت السيدة وقالت لي: "يا صغيرتي، هذه الأغنية قديمة جدًا، لم يعد أحد يغنيها الآن."
حزنت عندما سمعت هذا الكلام، لكني لم استسلم، جلست مع السيدة لساعات، وأنا أستمع إليها وهي تغني أغنية العيد، وأحاول حفظ كلماتها.
في مساء ذلك اليوم، كنت قد حفظت أغنية العيد، فقررت أن أغنيها لأهلي، اجتمع أهلي حولي، واستمعوا إلي وأنا أغني أغنية العيد، فرحوا كثيرًا، وقالوا لي إنني أغني بشكل جميل.
منذ ذلك الحين، أصبحت أغنية العيد إحدى أغاني المفضلة، أحرص على غنائها في كل عيد، وأحرص أيضًا على تعليمها للأطفال في قريتي، حتى يعرفوا جمال هذه الأغنية، وحتى لا تموت هذه الأغنية ويموت معها جزء من تراثنا الجميل.