قيس الشيخ نجيب.. شاعر الشام وناقد الجمال
في جوار حديقة الأحلام في دمشق، ولد الشاعر قيس الشيخ نجيب عام 1922، وهو ابن لمنزل أدبي عريق، إذ كان والده شاعرًا معروفا، كما درس الفلسفة في جامعة دمشق، ما أثر بشكل كبير على ثقافته وفكره.
حكاية من دمشق
في حارات دمشق الضيقة، عاش قيس الشيخ نجيب طفولته، تلك الحارات التي احتضنت أحلامه الأولى، وكان للمدينة العريقة أثر كبير على نفسه وأدبه، وقد وصفها في إحدى قصائده:
يا دمشق، يا شجرة النارنج أنتِ
أو تفاحة الأزرق السندس
ولربما كنتِ أيقونة بيزنطية
أو ملاكًا في جفون الفجر
وقد كان لدمشق، المدينة العريقة، أثر كبير على فكر قيس الشيخ نجيب، تلك المدينة التي عايشت الحضارات والشعوب، ما أثر في توجهاته الأدبية والفكرية.
شاعر الرومانسية
اشتهر قيس الشيخ نجيب في بداية حياته الأدبية كشاعر رومانسي، وكان من رواد مدرسة أبوللو الشعرية، التي دعت إلى العودة للرومانسية والتمرد على المدرسة الواقعية التي سادت شعر تلك الحقبة، وقد تغنى في شعره بالجمال والطبيعة والحب.
- ومن أشهر قصائده الرومانسية قصيدة "حبيبتي":
يا حبيبتي، أنتِ أميرة أحلامي
ووردة في بستان قلبي
أنشودة الحب تغنيها الشفاه
ورسمة الجمال على جدران الروح
ناقد الجمال
لم يقتصر قيس الشيخ نجيب على الشعر الرومانسي، بل اتجه أيضًا إلى النقد الأدبي، حيث تناول في مقالاته قضايا الأدب والجمال واللغة، وكان من أبرز نقاد الحداثة في الشعر العربي، وقد دعا إلى تجديد الشعر والبحث عن لغة جديدة بعيدة عن التقليد.
وقد أثر في كتاباته النقدية تأثره بالفلسفة الغربية، خاصة الفلسفة الوجودية، التي تتناول قضايا الحرية والمسؤولية والعبث، ما أثر في رؤيته الشعرية والنقدية.
بين الشعر والنقد
كان قيس الشيخ نجيب شخصية متعددة المواهب، فقد جمع بين الشعر والنقد، وكان متوازنًا في عطائه في المجالين، وقد عبر في شعره عن عواطفه وأحاسيسه، بينما تناول في نقده قضايا الأدب والجمال واللغة، ما جعل من أدبه ثريًا ومتنوعًا.
وقد كان قيس الشيخ نجيب نموذجًا للشاعر الناقد، الذي يجمع بين الإبداع الأدبي والرؤية النقدية، تلك الرؤية التي ساعدت في بلورة مفهوم الحداثة في الشعر العربي.
أشياء أحبها
كان لقيس الشيخ نجيب اهتمامات أخرى غير الشعر والنقد، فقد كان من عشاق الموسيقى الكلاسيكية، خاصة موسيقى بيتهوفن وتشايكوفسكي، كما كان من محبي الرسم، وكان يحرص على زيارة المتاحف والمعارض الفنية.
وقد عبر في بعض قصائده عن حبه للموسيقى، ومنها قصيدته "سمفونية":
أنا أسمع في سمفونيتكِ موجات البحر
ورعد السماء وهديل الحمام
وصهيل الجياد وطقطقة الرعد
وصوت المطر على أوراق الشجر
شاعر الحب والجمال والحرية
ظل قيس الشيخ نجيب حتى وفاته عام 1997 شاعرًا للحب والجمال والحرية، تلك القيم التي تغنى بها في شعره، وكان من الشعراء الذين أثروا في الأدب العربي الحديث، ولا تزال أعماله الأدبية مصدر إلهام للمبدعين والباحثين.