في رحاب الكلمة واللحن، وفي أجواء الفنون السعودية الأصيلة، تتجلى موهبة فنانة استطاعت أن تخط اسمها بحروف من نور في سماء الفن السعودي، إنها الشيهانة صالح العزاز، فنانة شاملة امتلكت صوتا عذبًا وشخصية ساحرة وقلبًا ينبض بالحب والوفاء لوطنها وجمهورها.
ولدت الشيهانة في محافظة جدة عام 1960، ونشأت وسط أسرة فنية قدمت لها الدعم والتشجيع، فوالدتها كانت فنانة تشكيلية شهيرة، ووالدها شاعر وكاتب. وقد ظهرت موهبتها في الغناء منذ نعومة أظافرها، حيث كانت تشارك في الحفلات المدرسية والمناسبات العائلية، مما لفت انتباه الجميع إلى صوتها العذب وأدائها المتميز.
بدأت الشيهانة مسيرتها الفنية في عام 1983 بإصدار أول ألبوماتها بعنوان "الأصوات"، والذي حقق نجاحًا كبيرًا وأسس شهرتها في عالم الفن. ومنذ ذلك الحين، أصدرت العديد من الألبومات الغنائية، والتي تضمنت أغاني خالدة لا تزال محفورة في وجدان الجماهير، مثل "يا زين يا ثغر مضبون"، و"يا زين"، و"أه يامسافر"، وغيرها الكثير.
تميزت أعمال الشيهانة العزاز بأنها مزيج رائع بين الأصالة والمعاصرة. فقد حافظت على أصول الأغنية السعودية الشعبية، لكنها أدخلت عليها لمسات عصرية جعلتها أكثر جاذبية وتوافقًا مع أذواق الجيل الجديد. وقد نالت هذه المقاربة استحسان النقاد والجمهور على حد سواء.
لم تقتصر موهبة الشيهانة على الغناء فقط، بل امتدت إلى التمثيل أيضًا. فقد شاركت في العديد من المسلسلات والأفلام السعودية، والتي أظهرت فيها قدرتها التمثيلية العالية ومهارتها في تجسيد الأدوار المختلفة.
وإلى جانب موهبتها الفنية، عُرفت الشيهانة أيضًا بمواقفها الإنسانية النبيلة. فقد كانت من أوائل الفنانين السعوديين الذين شاركوا في الأعمال الخيرية وحملات التوعية المجتمعية. وكان لها دور بارز في دعم الجمعيات والمؤسسات التي تعمل من أجل مساعدة المحتاجين ورعاية أصحاب الهمم.
بالإضافة إلى ذلك، كانت الشيهانة دائمًا مناصرة لقضايا المرأة وتمكينها. وقد استخدمت منصتها الفنية للتعبير عن آرائها في هذا المجال والدعوة إلى المساواة والحماية للمرأة السعودية.
تقديرًا لمسيرتها الفنية المليئة بالإنجازات، حصلت الشيهانة العزاز على العديد من الجوائز والأوسمة، منها جائزة أفضل مطربة سعودية في مهرجان الأغنية العربية عام 1995، ووسام الاستحقاق من الدرجة الأولى الذي منحته لها حكومة المملكة العربية السعودية عام 2018.
كما تم تكريمها في العديد من المهرجانات والفعاليات الفنية، حيث أطلق عليها اسم "سيدة الأغنية السعودية"، واعتبرت واحدة من أهم رموز الفن السعودي المعاصر.
لطالما اعتبرت الشيهانة العزاز أن فنها رسالة حب وعطاء، وأنها غنت للوطن وللجماهير التي أحبتها ودعمتها طوال مسيرتها. وقد عبرت في أكثر من مناسبة عن امتنانها لجمهورها الذي كان مصدر إلهامها وقوتها.
وتقول الشيهانة في أحد تصريحاتها: "أغني لوطني، وأغني لجماهيري الذين احتضنوني منذ بداياتي الفنية. إن حبي لهم هو الذي أعطاني القوة للاستمرار طوال هذه السنوات، وهو الذي يجعلني أشعر بالسعادة والرضا كلما وقفت على خشبة المسرح."
وتختتم الشيهانة رسالتها بقولها: "أدعو كل الشباب السعودي إلى الحفاظ على ثقافتنا وتراثنا الفني، وأن نسعى دائمًا إلى الارتقاء بالفن السعودي إلى أعلى المراتب."
"الشيهانة صالح العزاز".. اسم لامع في سماء الفن السعودي، قصة فنانة شاملة امتلكت موهبة استثنائية وأخلاقًا رفيعة، وقدمت لوطنها وجمهورها أعمالاً فنية خالدة ستبقى محفورة في الذاكرة.